أتحدث كثيرًا عن أوبسيديان على تويتر ويوتيوب، حتى أنني سجلت فيديو يشرح أساسياته على قناتي. لكن سأتجه في الفترة القادمة إلى المحتوى النصي لأنه أسهل في الإنتاج والأرشفة ويسهل تعديله وتحديثه. لكن يمكنك مشاهدته إذا كنت تفضل المحتوى البصري
ما هو أوبسيديان
أوبسيديان هو برنامج للكتابة، لكتابة أي شئ. وبناء عليه فإن أي شخص يعتبر الكتابة جزءًا من حياته فإن أوبسيديان -وأشباهه من البرامج الأخرى- سيفيده وسيقع ضمن نطاق اهتمامه
فلسفته
ما يميز أوبسيديان هي فلسفته. فهو يعتمد مبدأ ممتازًا ومطمئنًا لمستخدميه، ألا وهو:
الملفات أولا – files over app
تعد هذه الجملة أصلا وقاعدة لخريطة تطوير أوبسيديان. فلا يهتم فريقه بالجولات الاستثمارية أو إضافة الذكاء الاصطناعي إلى البرنامج وتدريبه على كتاباتك وما إلى ذلك من ميزات لا يهتم بها المستخدم ولن تفيده لكنها مفيدة للشركة ومفيدة للعمل التجاري
تنعكس هذه الجملة على جميع مزايا أوبسيديان. فالملفات غير مخزنة سحابيًا بصيغة مجهولة لا يمكنك التحكم بها. بل هي موجودة على جهازك بصيغة نصية، تمكّنك من استخدام أي محرر نصي لفتحها وتعديلها كما تشاء
وهنا يتضح الفارق بين أوبسيديان وأدوات الكتابة الأخرى، فكما ذكرت في مقال سابق:
طالما تحتفظ بنسخة من تلك الملفات النصية فهي ملكك ولن تتأثر بأي قرارات سياسية، أو كوارث اقتصادية، أو عطل في سيرفرات الإنترنت، أو إفلاس الشركة المسؤولة عن تطوير برنامجك المفضل، أو حتى اختفاء الإنترنت من الكرة الأرضية (لأنه يمكنك طباعة الملفات)
استخداماته
ذكرت في الفقرات السابقة أن اوبسيديان سيُهم كل من يكتب وكل من يعتبر الكتابة جزءًا مهمًا في حياته. لكن هذه جملة عامة جدًا وقد تشمل جميع البشر في مراحل مختلفة في حياتهم، لذلك سأحاول تحديد استخدامات عملية وشخصية للبرنامج على سبيل الذكر لا الحصر:
- الملاحظات الشخصية: فأفكارك وخواطرك، والاقتباسات التي تحبها من الكتب أو منشورات فيسبوك، ومراجعتك لذاتك وتقييمك لحياتك، وتوثيق أحداثها. كل ذلك يدخل تحت تصنيف كتابة الملاحظات الشخصية
- التعلم: قد تكون طالب علم شرعي أو طالبًا في أحد الجامعات أو باحثًا أكاديميًا أو شخصًا فضوليًا يحب تعلم واستكشاف المجالات المختلفة، وتود تنظيم حياتك العلمية. سيفيدك أوبسيديان في تنظيم المراجع (يمكن حتى ربطه مع برنامج Zotero لإدارة المراجع الأكاديمية) وكتابة الملاحظات وإنشاء أرشيفك الخاص من الأفكار البحثية والشروحات المبسطة للمواضيع التي تدرسها
- إنتاج المحتوى: إذا كنت تعُد نفسك صانع محتوى أو تحب مشاركة أفكارك وتجاربك باستمرار، فقد يفيدك أوبسيديان بطريقة مختلفة. عند كتابة الملاحظات وتوثيق أفكارك الإبداعية باستمرار ستلاحظ الروابط بين الأفكار المختلفة أو على أقل تقدير: ستنضج تلك الأفكار وتتحول إلى محتوى تشاركه مع من تحب. ساتحدث عن ذلك بالتفصيل وأشارك تجربتي في مقال آخر
لا يوجد استخدام قياسي لأوبسيديان
ينبغي أن تفهم تلك النقطة حتى لا تقع في فخ الاتباع الأعمي للقوالب والأساليب وطرق الاستخدام المعقدة. استخدم أوبسيديان كما يحلو لك وبالطريقة التي تناسبك. ولن تصل إلى الطريقة التي تناسبك إلا بالبدء باستخدامه فورًا!
لذلك أشجعك على حجز حصة مجانية معي حيث أشرح لك أساسيات أوبسيديان مجانًا
أهم ميزاته
لاحظ أنني أتحدث عن أهم الميزات ولس جميعها. لن تحتاج لجميع ميزات أوبسيديان، لذلك سأركز على ما يحتاجه المستخدم العادي. فالمستخدم المتقدم سيصل لما يريده بنفسه بالفعل
الورقة
الورقة (canvas) تتيح لك ربط ملاحظاتك وتنظيمها وعرضها بشكل بصري. تصور أنك تملك سبورة لا متناهية الأبعاد يمكن أن ترتب فيها كل أفكارك وملاحظاتك وكل محتويات أوبسيديان
أستخدم هذه الميزة في العصف الذهني، وفي ترتيب الملاحظات واستعراض كم كبير منها في شاشة واحدة
ينشئ بعض المستخدمين لوحات تحكم كاملة باستخدام هذه الميزة، كما ينشئون خرائط ذهنية متقدمة جدا. خصوصا أن هناك خصائص مثل الألوان وتنظيم البطاقات في مجموعات وربطها ببعضها
الشبكة
الشبكة (graph) عبارة عن نقاط. كل نقطة تمثل ملفًا في أوبسيديان. وترتبط هذه النقاط ببعضها عند ربطك لملف بآخر. فهي تمثيل بصري لكافة الملفات داخل البرنامج
طبعا كلما زادت ملفاتك عددًا، كلما كانت هذه الشبكة مفيدة. فباستخدامها ستتمكن من تصفح جميع ملفاتك بصريًا ومشاهدة الروابط بينها وهي تجربة ممتعة بصراحة خصوصا أنها سلسة ويمكن التحكم فيها بالكامل
لا أستخدم هذه الميزة كثيرًا بسبب أن عدد ملفاتي ليس بهذه الضخامة. لكن أحب استكشافها من وقت لآخر خصوصًا انني أجد ملفات نسيت وجودها أصلًا
بمناسبة الملفات المنسية. فهناك ميزة أخرى فرعية لأوبسيديان وهي أنه يمكنك فتح ملف عشوائي تمامًا (إضافة random notes في إضافات البرنامج نفسه)
القوالب
القوالب (templates) توفر الكثير من الوقت والمجهود فبدلًا من كتابة الأسئلة التي ستجيب عنها أسبوعيًا كل مرة، ستكتبها مرة واحدة فقط وترفقها في الملف الخاص بالأسبوع كل مرة
أستخدمُ عدة قوالب للمراجعة الشهرية والأسبوعية وبعض مهام العمل البسيطة. مازالت أقوم بالكثير من العمل اليدوي بدلًا من الاتجاه الكامل نحو أتمتة كل تفصيلة وقولبة كل جانب من أوبسيديان. لكن عمومًا فمازال أمامي مساحة واسعة لتحسين طريقة استخدامي لتلك الميزة، رغم أنني راضٍ تمامًا عن الشكل الحالي
ملاحظة: لا تحاول صنع شكل مثالي لأوبسيديان. سواء من ناحية المظهر أو الإضافات أو التنظيم. ابدأ باستخدامه مباشرة وحسّنه بمرور الوقت
الروابط
ميزة من ضمن مزاياه الرئيسية وهي الروابط (internal links). أقصد بالروابط هنا الربط بين الملفات وليس روابط الإنترنت. فباستخدام التنسيق المناسب يمكنك ربط ملف بملفات أخرى والبدء بتكوين شبكتك الخاصة من الملفات المترابطة والأفكار المتداخلة
شخصيًا لم أكن أستخدم هذه الميزة في بدايات استخدامي لأوبسيديان وذلك بسبب عشوائية أفكاري وعدم ترابطها. لذلك لا تحاول ربط كل شئ ببعضه خصوصًا في البدايات. مع الوقت ستجد أنك تكتب عن مواضيع معينة مترابطة وستلاحظ أن أفكارك موجهة نحو أنماط محددة. لذلك لا تستعجل
لاحظ أيضًا أن الروابط تُعد طريقة لتنظيم وتصفح الملفات. فما لاحظته من خلال تجربتي الشخصية أنني نادرًا ما أصل للملفات الخالية من الروابط إلا في بعض الحالات الاستثنائية، كالتصفح العشوائي أو البحث عن ملفٍ بعينه
أوبسيديان مقارنة ببقية الأدوات
بصراحة أوبسيديان ليس أقوى الأدوات وليس أكثرها ميزاتٍ وليس أفضلها على الإطلاق. لكن برأيي هو الأنسب، خصوصًا لنا نحن، العرب. فهو يدعم اللغة العربية بامتياز ولديه مجتمع عربي نشط على سيرفر ديسكورد خاصته ويهتم بخصوصيتك
قد أكتب مقالًا مفصلًا عن كل عنصر من تلك العناصر لكن لا أود الانغماس في التفاصيل، خصوصًا أن هناك صفحة مستقلة في الموقع -موقع أوبسيديان بالعربي- أعمل على بنائها تقارن بين الأدوات الخاصة بكتابة الملاحظات
لذلك إذا كنت تستخدم أداة معينة أو تستخدم برامج أخرى غير أوبسيديان فلا تتردد في التواصل معي عبر تليجرام وساكون سعيدًا بتجربة تلك الأداة وكتابة تقييم مفصّل لها ومقارنتها بأوبسيديان حتى
عيوب أوبسيديان
سأتحدث عن أبرز العيوب أو حتى الميزات التي تزعجني معتمدًا على تجربتي الشخصية بالكامل
المزامنة
دائما ما تظهر بعض “العيوب” مع اهتمام البرامج بالخصوصية. وأوبسيديان، بما أنه يعمل بدون أي اتصال بالإنترنت، فهو لا يدعم المزامنة بشكل افتراضي
بمعنى أن عليك إما استخدام بعض الحلول الغير سهلة تقنيًا. أو الدفع لحدمة Obsidian Sync وهو ما أرجحه لك. وأرشح لك أقل خطة فهي أكثر من مناسبة خصوصًا إن كنت تستخدمه بمفردك وليس ضمن فريق
سنتحدث عن الحلول بخصوص المزامنة في مقال لاحق. لكن هذه هي الخلاصة: أفضل حل جربته حتى الآن والذي يخلو من الأخطاء ولا يتطلب أي خبرة تقنية هو الحل الافتراضي Obsidian Sync. كما أنه طريقة ممتازة لدعم فريق تطوير أوبسيديان. لذلك لا تتردد في الاشتراك
كثرة الميزات
يمكنك تخصيص كل شئ وأي شئ. يمكنك حتى كتابة الأكواد والاسكريبتات (باستخدام لغات البرمجة) لتخصيص شكل أوبسيديان وأتمتتة المهام المتكررة
قد تكون هذه ميزة قوية لكن ما لاحظته هو أنها تشتت المستخدم وتساعده على التسويف ومحاولة البحث عن أفضل شكل وأفضل قالب وأفضل طريقة لكل تفصيلة في البرنامج. لا تقع في هذا الفخ، وعطّل كل ما يمكن تعطيله. ثم أعد تفعيل ما تحتاجه شيئًا فشيئًا وستصل للشكل الذي يناسبك
واجهة مخيفة
شخصيًا -ورغم تجاربي الكثيرة في التعامل مع برامج معقدة- أصابني الإرباك عندما استخدمت أوبسيديان لأول مرة. فالواجهة مليئة بالخيارات والأيقونات. وكل شئ يمكن نقله لمكان آخر بدون حتى أن تلاحظ أنك فعلت ذلك عن طريق الخطأ
ستشعر أنه موجه للمبرمجين أو التقنيين حصرًا. وقد يكون ذلك صحيحًا. لكن بمرور الوقت ستألف واجهته وسيزول عنك شعور الارتباك والخوف من ارتكاب الأخطاء
أذكرك في هذا السياق -مرة أخرى- أنني أقدم حصة مجانية لشرح أساسيات أوبسيديان. فلا تتردد في حجز حصة في الموعد المناسب لك. سأكون سعيدًا بمساعدتك
بعض الأسئلة الشائعة
إذا لم تقرأ المقال بأكمله وأردت أن تأخذ فكرة فقط عن برنامج أوبسيديان فهذا القسم موجه لك. اعتبره قِسم TLDR (المحتوى كثير فلم اقرأه) بدلًا من قسم “الأسئلة الشائعة” الممل
ما هو برنامج أوبسيديان؟
هو برنامج لكتابة الملاحظات وتدوين الأفكار. هو النسخة المتطورة من برامج كتابة الملاحظات البسيطة
هل برنامج أوبسيديان مجاني؟
أوبسيديان مجاني بالكامل. إلا في حالة استخدامه في أغراض تجارية (راجع موقعهم للحصول على رخصة)
هل يدعم برنامج أوبسيديان اللغة العربية؟
نعم، يدعم البرنامج اللغة العربية بامتياز ويقدم تجربة مثالية لمن يكتب باللغة العربية
هل يتوافر برنامج أوبسيديان على جميع المنصات؟
يتوفر البرنامج على جميع المنصات: أندرويد والآيفون وويندوز وماك وحتى لينكس
كيف يمكنني تعلم أوبسيديان؟
لا تحتاج إلى “تعلم” البرنامج. ربما تحتاج إلى مقدمة سريعة وشرح لأساسياته فقط. أقترح عليك مشاهدة هذا الفيديو الذي سجلته لشرح البرنامج منذ فترة. كما أقترح عليك أيضًا حجز حصة مجانية معي لشرح الأساسيات والرد على جميع استفساراتك
أحييك يا خالد على مدونتك الرائعة. حقيقي محتواك مذهل وكلّي حماس أن أقرأ لك المزيد والمزيد!
استمر..
شكرا لك يا خالد على العرض الموجز البيّن.
أنا دائم البحث عن تطبيقات لإدارة المعلومات الشخصية و تدوين الملاحظات و الخطط و ملفات العمل و خلافه، و برغم أني سمعت مرورا عن أُبسيديان إلا أني لم تُتح لي الاطلاع على تفاصيل عمله قبل قراءة شرحك.
و الآن بعد أن طالعت أكثر عنه، فإن ما يثنيني عن استخدام أُبسيديان، و تطبيقات أخرى غيره، كونها مبنية على إلكترون، الذي هي في نظري متضخم أكثر من اللازم؛ شره في استهلاك الموارد الحاسوبية.
أنا أستخدم Zim منذ سنوات، بالرغم من كونه عتيقا، و غير مؤهّل للعربية، لكن من ميزاته وجود وظيفة لحفظ إصدارات من المحتوى في مستودع git، كما أني بالترادف مع ذلك مستقر على تجهيز لإحداث المزامنة عبر أجهزتي باستخدام NextCloud (و كان بوسعي استخدام git نفسه لذلك الغرض لكن ذلك يعقّد الأمور بعض الشيء)، و أجد هذا التجهيز مرنا و عمليا إلى حد كبير، بما يتناسب مع احتياجاتي، لذا أحببت مشاركته.